أصل التشيُّع والإمامة في فکر "محمد جواد مغنية" وأثرهما في دعوى التقريب

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الدراسات الإسلامية کلية الآداب - جامعة الوادي الجديد

المستخلص

ظلَّت فکرة التقريب بين السنة والشيعة إحدى الموضوعات المهمة على ساحة الفکر الإسلامي؛ حيث کانت تلقى قبولًا لدى جمهور العامة وکثير من أرباب الفکر الإسلامي؛ لکونها دعوة للاعتصام بحبل الله، ووحدة نسيج الأمة، ويُعَدُّ الشيخ محمد جَواد مٌغنِية صاحب کتابات في هذه المسألة، لکن تظل الکتابات في تلک المسائل الخلافية تقع تحت دائرة البحث والتدقيق لحين الفصل في أهداف تلک الدعوات وغايتها، والأسس العقدية والفکرية التي قامت عليها.
        وقد حاول البحث التدقيق حول الخلفية العقدية للشيخ مغنية؛ حتى نتمکن من وضع دعواه في إطارها الصحيح، وتناول البحث بعض القضايا التي يختلف فيها المذهب الشيعي عن المذهب السني، وهما أصل التشيع والإمامة، وقد بيَّن البحث موقف الفکر الشيعي من هذه المسائل، ثم عرض موقف الشيخ مغنية منها، حتى يتضح مدى الاختلاف الذي طرأ على فکر الشيخ مغنية في تلک المسائل ، فيصبح لدعوته أثر وفق هذا التغير، حيث يعد أصل التشيع أحد القضايا التي تؤسس لکافة المعتقدات الشيعية التي تفرد بها المذهب الشيعي دون غيره من المذاهب، فبينما يُرجع بعض العلماء والمفکرين ظهور بعض المعتقدات الشيعية إلى عبد الله بن سبأ، حيث يُعد هو الغارس الأول لبذرة المعتقدات الشيعية التي لم يثبت لها أصل في صحيح الدين، نجد فريقًا من مفکري الشيعة يربط هذه المعتقدات بوجود النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم کان الشيخ مغنية الذي نفى بالکلية فکرة الوجود الفعلي لابن سبأ وعدَّها من الأساطير التي أحيطت بالمذهب الشيعي من أجل الطعن فيه، وجعل وجود التشيع مرتبطًا بوجود نبي الإسلام وأنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – هو من دعا للتشيع.
لکن فکرة الشيخ مغنية قد اصطدمت بحائط صدٍّ سميک من الروايات الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلَّم - التي فندت تلک الروايات الضعاف التي اعتمد عليها في تثبيت فکرته، وما نجد تلک الفکرة إلا محاولة إضافة صبغة قدسية على المعتقدات الشيعية التي لم تلق توافقًا دينيًا أو عقليًا عند مفکري الإسلام حتى تجد طريقها في نفوس العامة، وهذا کان حاله مع مسألة الإمامة التي ربطها بالنبوة، وعدَّ الإمامة من الأمور التي ينص عليها من النبي - صلى الله عليه وسلَّم، وهي اختيار إلهي، وتحدث عن مسألة عصمة الأئمة وعدَّها من الثوابت في عقيدة الأئمة، وعدَّ عصمة الإمام ثابته بثبوت العصمة للأنبياء على اعتبار أن الإمام هو الذي يحمل اللواء بعد النبي، فکانت هناک حالة من الخلط بين مکانة النبي ومکانة الإمام في الفکر الشيعي.
وعليه فلم يختلف الشيخ مغنية في معتقداته عن سابقيه ممن نقل عنهم، مما يجعل الخلاف السني الشيعي ما زال قائمًا، فلا يمکن الأخذ بدعوى التقارب خارج إطار المعتقدات التي أحدثت الفرقة بين الطرفين.
وکانت دعوى الشيخ مغنية دعوى جوفاء، أو بالأحرى هي دعوة للهدنة بين الطرفين وترک التکفير مع احتفاظ کل مذهب بمعتقداته، ولعلَّ هذا کان واضحًا في التعصب الفکري للشيخ مغنية في کافة قضاياه التي ناقشها وحاول الانتصار فيها لمذهبه، فقد کانت الخلفية التي تحکم کل مسائل النقاش في کتابات الشيخ مغنية هي التسليم التام بکافة المعتقدات الشيعية وأنها هي المنهج الصحيح.   
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية