صورةُ الذاتِ المهمشةِ في نصِّ السخريةِ بوصفِه أُفقًا لإعلانِ المُضْمَر (قصيدةُ البغلةِ لأبي دُلامة الأَسَدِيّ نَموذجًا)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الأدب والنقد بقسم اللغة العربية – کلية الآداب – جامعة جنوب الوادي

المستخلص

إن أدبنا العربي أدب زاخر بالتنوع الإبداعي، وتعددية جماعاته؛ نتيجة لزخم الثقافة العربية أمکنةً وأزمنةً وأجناسًا، وما يتبع ذلک من الوفرة والاختلاف في النتاج الإبداعي لها، وثرائه الإنساني، واللغوي ،والدلالي؛ ومن هنا وُجدت الکثير من الزُّمر الإبداعية التي انتثرت في البيئة العربية على طول الزمان واتساع المکان، ومن جانب آخر کان للتهميش الذي عانت منه بعض الجماعات الإنسانية في ظل تلک الثقافة دورًا کبيرًا في نشأة مجموعات هامشية رافضة، أو متمردة، أو منعزلة عبرت عن نفسها، وظروفها في تمظهر إبداعي خاص بها، ظهرت من خلاله على ساحة الحياة الإبداعية العربية.
وکان أبو دلامة مبدعًا ينتمي إلى واحدة من تلک الزُّمر المهمشة اجتماعيًا وثقافيًا؛ لأنه ينحدر من عبودية وسواد لا ينبغي أن يکونا آنذاک إلا في ظل الهامش، لکنه استطاع من خلال نصه الساخر أن يعبر عن حياة مبدع الهامش في ظل ثقافة المتن وتسلطه، بل استطاع أن يجعل من نصه المضحک أداة کشف، وفضح للوجه الآخر القبيح للمتن، وممارساته في محاولة للتمرد عليه، ورفضه بعد ذلک؛ حينما هجاه، وهجا سياسته علانية.
لکنه ومن جانب آخر يرصد في نصه الساخر من خلال أدواته الترميزية ووسائله النصية معاناته مع تهميشه، ومع مسببات ذلک التهميش في قصيدته اللامية؛ أطول نصوص ديوانه، التي يؤرخ فيها لتجربته مع التهميش، وأثره على موهبته ووعيه الخاص لتلک الأزمة التي وإن جعلها طريقًا له ليستحيل من هامش إلى متن، إلا إنه لما يزل في کوامنه مصابًا بدائها، ناقمًا على خلقته، ونسبه، وسواده، جالدًا ذاته ومعذبها، لائمًا لها؛ لأنها ولدت له کل هذا العذاب، وهو ما رصده في لاميته.
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية