الأضرحة وأثرها على المجتمع البيزنطي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ تاريخ العصور الوسطى المساعد - کلية الآداب - جامعة جنوب الوادى

المستخلص

لم يختلف الإنسان البيزنطي عن غيرِه، حيث افترض وجود عالَم علوي مفارق لعالمه الدنيوي، وزاد افتراضه أن هذا العالَم يحکم العالَم ويرسم المصير بقدرته، فأضفى عليه کل معاني التقديس والتعظيم والإجلال، ومن ثَمَّ کان لا بد من وجودِ رموزٍ أو أدواتٍ تواصل مع هذا العالَم العلوي إکتناهاً لجماله واستلهاماً لسحره، ودفعاً لسطوته، ولأن هذا العالَم العلوي المقدس يفيضُ بالقوة والقدرة والاقتدار، ويمتلکُ أسباب المنع والعطاء والموت والإحياء، اعتقد الإنسان البيزنطي مثل غيره في الضريح، کأحد مسائل التواصل مع الروح الکونية لهذا العالَم العلوي استجداءً لعطفه والتماساً لرحمته.
وتزخر الإمبراطورية البيزنطية بالعديد من أضرحة القديسين، مما أَهَّل فضاءاتها أن تکونَ مسرحاً للزيارات والاحتفالات، حتى أصبحت واحدةً من بين الظواهر الاجتماعية الدينية والثقافية، بکل ما تکتنفها من أبعادٍ مقدسةٍ.
والدراسة جاءت هنا لا لکي تُثبت أو تَنفي فائدة زيارة الأضرحة، فزائر الضريح ليس بملاکٍ ولا مخالفه بشيطان، بل أنهما حبتان من حبات عقد البشرية، التي يُؤخَذُ منها الخير، ويُرَدُّ إليها الشر.
ولم تقصد الدراسة إلا أن تکون عينةً لنمطٍ من معايشة الماضي کثقافة، وهي معايشة عميقة يمکنها أن تَصْدُرَ عن فعالية مذهلة لراسب ثقافي وهي الثقافة القديمة المتوارثة في إستمراريتها التاريخية.
وأخيراً فإن الدين والمقدس سوف يستمران في الوجود، وهما ضروريان من أجل الوجود الإنساني ذاته، لکن المؤکد أن المقدس في زحفه يدمر کل المعاني الدنيوية للوجود العقلاني.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية