أوبرا عايدة في ضوء استلهام الفن الإيطالي للتراث المصري القديم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد علم الجمال الحديث والمعاصر- قسم الفلسفة - كلية الآداب- جامعة حلوان

المستخلص

       سعت هذه الدراسة إلى تناول موضوع جديد فى الدراسات التراثية والتاريخية والفنية والجمالية المعاصرة، وهو «أوبرا عايدة فى ضوء استلهام الفن الإيطالى للتراث المصرى القديم« حيث شكلت الموسيقا قيمة جوهرية فى تراث وحضارة مصر القديمة، وعرف المصريون القدماء ما يشبه العروض الأوبرالية والكثير من فنون الترفيه. وعلى مر التاريخ كان الفن المصرى القديم مصدر استلهام دائم، ويؤكد ذلك العمل الذى سنعتمد عليه في هذه الدراسة وهو "أوبرا عايدة" للموسيقار الإيطالى جوزيبى فيردى  Giuseppe Verdi ‏ (1813– 1901 (، التي جسدت بشكل حقيقى هذا الاستلهام للتراث والتاريخ المصرى القديم.  
       ولقد توقفنا بالفهم والشرح والتحليل والتأويل أوبرا عايدة موضوعًا لهذه الدراسة نظرًا لكونها تمثل أهم العلامات البارزة في تاريخ الأوبرا والفنون المعاصرة، كما أنها حالة فنية ثرية وشديدة الخصوصية، ليس فقط لأنها  من أشهر الأوبرات العالمية، بل كونها نموذجًا للتفاعل والتناغم الفني والثقافى مع التاريخ والحضارة الفرعونية ورمزًا للهوية وللقوة المصرية في العصر الفرعونى، وتشكل ربطا مهمًا لعالمين هما مصر والعالم الغربى بأسره، وتتضح أهمية هذه الدراسة من خلال أهمية فن الموسيقا، بوصفه العنصر المحورى في أوبرا عايدة، كما ظهر مفهوم الجلال في هذه الأوبرا من زاوية قومية، وهى الشخصية الحضارية لمصر، وهنا تتجلى قيمة اختيار هذا الموضوع بوصفه مدخل من باب الخصوصية الحضارية وعنصر القومية فى الفن، إذا أخذنا في الاعتبار أن الشخصية الحضارية لأمة معينة يتبلور ويتجسد نهائيًا في شخصية هذه الأمة، وهنا تأتى أوبرا عايدة كمنطلق للقومية وتداخل وحوار وتضافر بين القوميات، وتظهر مصر بحضارتها وتراثها وفنونها أمام العالم كله بوصفها حضارة أسيرة ومتفردة.
    وترجع إشكالية هذه الدراسة إلى محاولة الإجابة على هذا السؤال المهم: كيف مثلت أوبرا عايدة وموسيقاها نافذة لفهم الحضارة الفرعونية؟ ومن خلال تلك الإجابة تتضح أهمية الدراسة فى تسليط الضوء على استلهام الفن الإيطالى للتراث المصرى القديم، وبصفة خاصة فن الموسيقا، كما تتمثل أهم أهدافها فى بيان الطرق التى من خلالها تم استلهام الفن الإيطالى في ضوء دراستنا للأوبرا واستلهامها للتراث المصرى القديم، كما تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن استلهام وأهمية تراث مصر الثقافى فى مجالات الفنون الرفيعة، وذلك بمناسبة مرور مائة وخمسين عامًا على ظهور أوبرا عايدة.   
       كما اعتمدت الدراسة على منهجية سيميوطيقية وتأويلية وتحليلية للعلامات والرموز التي اتكأت عليها أوبرا عايدة، من أجل تقديم تأويلات للعمل الموسيقى وفصوله ومشاهده المتنوعة، فالموسيقى فن مفعم بالمعنى، من خلال قدرتها للتعبير عن عاطفتنا، حيث تُعد أوبرا عايدة أيقونة للفنون الجادة، بالإضافة إلى أنها مثلت نموذجًا لتفاعل المبدعين والفنانين الإيطاليين خاصة، والأجانب بصفة عامة مع التاريخ والحضارة المصرية، حيث إن الاستلهام الإيطالى لم يكن مقتصرًا على الفن المصرى وحده، بل لمجمل التاريخ المصرى من دين وفن وجمال وسائر القيم التي شكلت هذا التراث في مجمله. وبذلك فالحديث عن أوبرا عايدة هو استلهام لتاريخ مصر القديم بكل ما يحتويه هذا التاريخ من معاني ودلالات ورموز شكلت أبعادًا جوهرية للعديد من الكتابات في الحضارة الغربية.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية