الحذف ظاهرة لغوية تجد مكانها في اللغة العربية واضحًا ثابتًا؛ وذلك لأنَّ العربية تميل إلى الإيجاز والاختصار، وحذف شيء كان من المتوقع ذكره يمثل دلالة أخرى وهي الانزياح؛ وذلك لأنَّ الانزياح يعني الخروج عن الصورة المألوفة.
وللحذف أنواع وهي: حذف الحرف، وحذف الكلمة، وحذف الجملة، ولكل نوع من هذه الأنواع دلالته التي تستدعيه، وتوافق في استساغة النظم بالحذف.
وفي هذا البحث بيان لدلالة الحذف بكونه نمط من أنماط الانزياح؛ إذ أنَّ الحذف يؤدي معنى الانزياح في صورة محددة وهي: نزع ما كان من المتوقع ذكره في النظم، وهذا بدوره يجعل المُخَاطَب في عملية تفاعلية مع المذكور بغية الوصول إلى المحذوف.
ومن خلال هذا البحث تتبين العملية والحركة التفاعلية في ذهن المخاطَب بالتطبيق على بعض من نماذج الحديث الشريف المجموعة في صحيح البخاري؛ فقد ورد الحذف في أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – نتيجة أسباب أدت إليه، ومن هذه الأسباب حالة المخاطِب، وحالة المخاطَب، المقام، والمقال، فقد تجتمع جميعها في سياق واحد، وقد ينفرد سبب، أو سببان.
واستخدام النبي – صلى الله عليه وسلم – للحذف في خطابه يدلل على بلاغة النبي في نظم القول، ومراعاته لأحوال المخاطبين، وهذا ما يسعى البحث لعرضه، وتوضيحه.