يحاول هذا البحث إبراز المعالم الجمالية والفنية والإبداعية لتشكيل وتوظيف المكان في النص الروائي "الفسيفسائي" للروائي المغربي عيسى ناصري، من خلال تتبع الأمكنة المختلفة في النص الروائي، ودورها الفعال في بناء الرواية، وعلاقتها بالعتبات المختلفة فيها، والتي أسهمت مع العناصر الروائية الأخرى في تحليل النص وفك شفراته، عبر مطاردات نقدية تحاول قنص المعنى الروائي، وتعقب الأثر الأدبي للأمكنة المختلفة من خلال التشكيل والتوظيف الفني لها لإنتاج الدلالة، ومن ثَمَّ إعادة إنتاج النص الروائي، وإبراز معالمه الجمالية والفنية، من خلال تتبع هذه المسارات. يتميز النص الروائي الذي نحن بصدده، بحضور مكاني لافت للنظر ومؤثر في سير الأحداث الروائية بصورة شائقة من ناحية، ومن ناحية أخري إسهامه في الحبكة الفنية للنص الروائي، حيث تتميز الرواية بتفكك الأزمنة، حين يلجأ الراوي إلي تقنية وصف الأماكن والمواقع الأثرية وغيرها في تعطيل للزمن الذي تستغرقه الأحداث، فهناك مكان واحد تدور في فلكه أماكن متعددة في أزمنة مختلفة، وهو ما أسهم في ترابط العناصر الفنية للعمل الروائي بصورة لافتة للنظر. تناول الرواية من هذه الزاوية، يمكن أن يسهم في إبراز المعالم الجمالية والفنية، وإعادة إنتاج النص الروائي. لقد أبدع الروائي عيسى ناصري في استخدامه لتقنيات المكان، بمراوغات تشكيليه وتوظيفيه؛ تنير الطريق للمتلقي في إنتاج الدلالة. حين يبدأ نصه الروائي من النهاية، منطلقًا من المكان، ومنتهيًا به. تبدأ أحداث الرواية، عبر دائرة محكمة من النهاية؛ لتعود إلى البداية، في قالب روائي تجريبي يمزج الكلمة بالفكرة، في صياغة مشوقة جاذبة، تبدو للوهلة الأولى متشتتة الملامح مثل قطع الفسيفساء، لكن المتلقي ما يلبث أن يضع القطع المتناثرة في أماكنها المناسبة، ويعيد ترتيبها لتتكون اللوحة الفنية المبدعة في ذهن المتلقي، وتصل الرسالة الفنية له عبر القالب الفني الإبداعي. يناقش النص الروائي الواقع مناقشة عقلية فنية، عبْر مجموعة من الحكايات تضمها معًا رواية واحدة مشوقة، تثير في المتلقي غريزة المتعة الاستكشافية الفنية التنويرية التوعوية، حيث يمتزج الكاتب بالمكان ويراوغه فنيًّا، في لوحة فسيفسائية كلامية، قد أثار من خلالها قضايا يصعب المباشرة في تناولها؛ لصعوبة الواقع المعيشي في بعض الدول، التي تحاول تكميم الأفواه، وتفرض سيطرتها المحكمة على الإبداع. وهي محاولة روائية تجعل من المتلقي عبْر عنصرَي التشويق والإثارة، وعبر الدلالات المختلفة للأماكن، شخصًا إيجابيًّا، يتماهى في الفكرة، ويساهم في إنتاج الدلالة. لذا فإن الروائي جعل من نصه الإبداعي دائرة تربط بداية النص الروائي بنهايته؛ في حركة فنية دائرية مروحية؛ ليظل المتلقي مشاركًا ومتفاعلًا مع أحداث النص الروائي، ومتفاعلًا معها وبها. نحن أمام نص روائي تجريبي ذي مرجعية واقعية، يتناول معاناة الذات الحاملة لهموم الآخر، كما يتسم بالرؤية الشمولية للقضايا التي يبثها الكاتب خلاله، مستخدمًا التقنيات الروائية، عبر مجموعة من الروايات المتداخلة داخل نص روائي واحد، في تشويق وإثارة؛ لإبراز رؤيته وتحميل مضامينه الفكرية.
علي, صابر عكاشة قليعي. (2025). المراوغة المكانية في رواية (الفسيفسائي) للروائي المغربي عيسى ناصري "التشكيل والتوظيف" من الرؤية إلى الدلالة. مجلة کلية الآداب بقنا, 34(69), 240-299. doi: 10.21608/qarts.2025.400503.2261
MLA
صابر عكاشة قليعي علي. "المراوغة المكانية في رواية (الفسيفسائي) للروائي المغربي عيسى ناصري "التشكيل والتوظيف" من الرؤية إلى الدلالة", مجلة کلية الآداب بقنا, 34, 69, 2025, 240-299. doi: 10.21608/qarts.2025.400503.2261
HARVARD
علي, صابر عكاشة قليعي. (2025). 'المراوغة المكانية في رواية (الفسيفسائي) للروائي المغربي عيسى ناصري "التشكيل والتوظيف" من الرؤية إلى الدلالة', مجلة کلية الآداب بقنا, 34(69), pp. 240-299. doi: 10.21608/qarts.2025.400503.2261
VANCOUVER
علي, صابر عكاشة قليعي. المراوغة المكانية في رواية (الفسيفسائي) للروائي المغربي عيسى ناصري "التشكيل والتوظيف" من الرؤية إلى الدلالة. مجلة کلية الآداب بقنا, 2025; 34(69): 240-299. doi: 10.21608/qarts.2025.400503.2261