اتجاه الفارابي السياسي ومضادات المدينة الفاضلة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 مقيد ومسجل بالدراسات العليا في قسم الفلسفة - کلية الآداب - جامعة جنوب الوادي

2 أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف كلية الآداب- جامعة جنوب الوادي

3 أستاذ الفلسفة ورئيس قسم الفلسفة كلية الآداب- جامعة جنوب الوادي

المستخلص

بقي الفارابي فيلسوفاً نظرياً في أفكاره السياسية، وبدا منفصلاً عن الواقع العملي لممارسة السياسة، فقد اعتقد بأن من أحرز عقلاً مُستفاداً يمكنه من الاتصال بالعقل الفعال حصلت له الكفايات اللازمة، لا لقيادة المدينة وحسب، بل وتعليم أهلها وإرشادهم وسوقهم إلى الطريق التي تؤمن لهم السعادة القصوى.
كما تأثر الفارابي في أفكاره السياسية والاجتماعية بكلٍ من أفلاطون وأرسطو، لكنه لم ينقلهما نقلاً، ويبدو إن نظريته في السعادة مستمدةً في أصولها من آراء أرسطو فيها، كما إن موضوع عِلم السياسة (العِلم المدني)، متأثراً بالأفكار التي قالها أرسطو بهذا الخصوص، لا سيما تأكيده بأن عِلم السياسة يجب عليه إن يدرس المدينة المثلى.
من خلال الرؤية الفكرية التي قدمها الفارابي في المدينة الفاضلة، يمكن القول أن الأخلاق عند الفارابي عِلْمٌ عملي، أي أنه يقوم على ممارسة الفعال المحمودة واتباع القدوة الصالحة لاكتساب ملكة الأفعال الخلقية، فكل إنسان حاصل على القدرة على فعل الخير ولكنه ينميها بالفعل والممارسة، وكذلك فإن الأخلاق الفردية عند الفارابي تخضع للعمل المدني أي لعلم السياسة، فكأن السلوك الفردي يتفرع من السلوك الاجتماعي، وهكذا يظهر الارتباط الوثيق بين نظرية الفارابي في المدينة الفاضلة ونظريته الأخلاقية من حيث إن السعادة غاية الفرد وغاية الاجتماع المدني على السواء.
وقد تناول الفارابي موضوع الحاجة إلى الاجتماع البشري، تلك الحاجة التي تتجسد في القوام المادي والكمال المعنوي، ولا شك أنه رجع في هذا الصدد إلى أرسطو ينشد حكمته وينقل عنه قضيته الأساسية وهي إن الإنسان مدني بالطبع، كما تأثر عند تأليفه لهذا الكتاب بأفكار أفلاطون المثالية، التي تدعو إلى ضرورة تكوين مجتمع مثالي يتجسد في جمهوريته "جمهورية أفلاطون"، أما أهم المسائل التي يعالجها كتاب "أهل المدينة الفاضلة" فهي تحليل حقيقة الاجتماع البشري، أي أصل نشوء المجتمع والدولة عند الفارابي، وتصنيف المجتمعات البشرية وأسس ومقومات المدينة الفاضلة وصفات قائدها، إن دراسة الفكر الاجتماعي عند الفارابي تتطرق إلى خمسة موضوعات أساسية هي: حقيقة الاجتماع البشري، ومنهج البحث عند الفارابي، وخصائص المدينة الفاضلة، وصفات القيادة عند الفارابي.
كما أن لمفهوم الفارابي عن السعادة المطلقة تأثيراً كبيراً علي فلسفته للمجتمع، حيث يمكن للمجتمع أن يكون مجتمعاً فاضلاً إذا كان تعاونه في السعي نحو الغاية الإنسانية للمجتمع فقط، أي إذا كان يسعي لإعداد أعضاء المجتمع بالوسائل اللازمة لتحصيل السعادة الفردية.
يري الفارابي أن الإنسان اجتماعيٌ بالطبع، ويميل دائماً الي العيش في جماعة حتى يحصل على كل سعادته في الدنيا وفي الآخرة، ومن خلال ميل الإنسان للعيش في مجتمعاتٍ ينتج عن ذلك مجتمعات إنسانية مختلفة، ولكن السؤال: أي هذه المجتمعات يصلح لتحقيق الكمالات الإنسانية؟ حيث قَسَّمَ الفارابي المجتمعات إلى مجتمعاتٍ كاملة ومجتمعات ناقصة، أتفق مع الفارابي في أن الإنسان اجتماعيٌ بالطبع، ولكن لا يمكن أن نتجاهل العزلة والانطوائية، فهناك من يفضلها ولا يفضل العيش وسط جماعة.
 
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية