آداب المفتي والمستفتي عند ابن صلاح

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 مقيدة ومسجلة بالدراسات العليا بقسم الدراسات الإسلامية - کلية الآداب - جامعة جنوب الوادي

2 أســتاذ الفقه - کلية الآداب - جامعة جنوب الوادي

3 مدرس بقســـم الــدراسـات الإســلامــيـــة- کلية الآداب - جامعة جنوب الوادي

المستخلص

      فإن موضوع الفتيا وما يتعلق بها من الآداب والشروط يمثل جانبًا من جوانب علم الأصول ... فلا يكاد كتاب في علم الأصول يخلو من بحث هذا الجانب والحديث عنه ... ونظرًا لأهمية منزلة الفتيا وخطرها فقد صنف الأئمة في هذا المجال مصنفات مستقلة تبين أهمية الفتيا وخطرها، وآداب المفتي والمستفتي ومن هذه المصنفات كتاب "أدب المفتي والمستفتي" للإمام الحافظ أبي عمرو ابن الصلاح, المتوفى سنة "٦٤٣هـ".
والفتوي أمر عظيم لأنها بيان لشرع رب العالمين, والمفتي يوقع عن الله تعالي في حكمه, ويقتدي برسول الله صلي الله عليه وسلم في بيان أحكام الشريعة.
فالفتوي هي تبين الحكم الشرعي, وحكمها فرض كفاية, وتكمن أهميتها بأن الله عز وجل تولها بنفسه, وينبغي على المُفتي أنْ يُفتي بعلم، ولا يتكلم إلاَّ بعلم، وعنده برهان من شرع الله تعالى؛ لأنه إنْ أفتى الناسَ بجهل ضَلَّ عن الحق، وأضَلَّ الناسَ معه، ولْيَحذرْ من الفتوى بغير علم؛ فيدخل في سِلك الضالين المُضلِّين، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» رواه البخاري.ومن الإحسان في الفتوى التفصيل في الجواب؛ كي لا يضطر السائلُ إلى إعادة السؤال، أو لا يشعر السائلُ أنَّ الإجابة غامضةٌ، أو غيرُ كافية، أو غيرُ واضحة؛ بل ينبغي للمُفتي أنْ يُجيب السائل بأكثر مما سأل - إنْ لَحَظَ أنه يحتاج إلى تفصيلٍ أكثر في المسألة - وكان هذا هو هدي النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فقد سأله رجلٌ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» صحيح – رواه أبو داود. ذلك ويجب على المُفتي أنْ يُجِيبَ المستفتي بما يُناسِبُ إدراكَه ومستواه العقلي، ويُحدِّثَه بحديثٍ يعرفه ويفهمه؛ كما قال عليٌّ رضي الله عنه: (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) رواه البخاري. وقال ابنُ مسعود رضي الله عنه: (مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً) رواه مسلم؛ فإنَّ قاصِرَ الفَهمِ والإدراك إذا سَمِعَ الفتوى التي لا تُناسب إدراكَه فإنه لن يفهمَها، وربما اتَّهَم أهلَ العلم بأنهم يُعسِّرون على الناس، وغير ذلك.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية